إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وبعد:
نستكمل حديثنا عن: حروف المعاني:
حروف التوكيد، وحروف الجر:
منها ما يؤكد الجمل، ومنها ما يُؤكد الأفعالَ، ومنها ما يؤكد المُفردات، وجُملة حروف التوكيد:"إنّ وأنّ، ونون التوكيد واللام" إن" و"أن" من أدوات التوكيد التي تؤكد بها الجمل: {وَالْعَصْر * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر}(العصر: ١ - ٢). {إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم}(البقرة: ١٤٣){إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيم}(البقرة: ١٧٣).
هذه الآيات الكريمة تؤكد مضمون ما بعدها من جملة اسمية دخلت عليها إنّ فأكدتها، فاستخدم بها أسلوب التوكيد، وكذلك أنّ والفرقُ بينهما هو أنّ إنّ تَقَعُ في بداية القول، أو ما يَحِلُّ محله، أما "أنّ" فتَقَعُ موقِعَ المُفرد الذي يُؤول بمصدرٍ؛ بمعنى أنها لا يُؤتى بها أول الكلام، وإنّما تكون وسطًا.
ونون التوكيد يمتنع مجيئها مع الفعل الماضي، إلا ما سُمع من بعض كلامهم، ولكنّ الجمهور على امتناع توكيد الماضي، ويجوزُ مطلقًا أن تؤكد الأمر، ولها مع المضارع أحكام؛ فيؤكد بها الفعل المضارع وجوبًا بشروط كقوله تعالى:{وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم}(الأنبياء: ٥٧) فأكد الفعل "أكيد" بنون التوكيد الثقيلة؛ لوقوعه بعد القسم، واتصاله به بلا فاصل، فأكد باللام ونون التوكيد الثقيلة.
كَذَلك يُؤَكّد الفعل المضارع بما هو قريب من الوجوب، كقوله تعالى:{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}(فُصِّلَت: ٣٦) فينزغنك مؤكد بالنون الثقيلة، وكذلك يؤكد جوازًا بعد الطلب وما في معناه؛ كقوله تعالى: {وَلاَ