ظاهرة الوجوه والنظائر في القرآن الكريم بمعنى بسيط: إن هذه الوجوه والنظائر هي الألفاظ التي وردت فيه بمعان مختلفة، كلفظ "الهدى" مثلًا ورد في القرآن على سبعة عشرة وجهًا، بمعنى الثبات والدين والدعاء، وغير ذلك من ألفاظ الصلاة والرحمة والسوء والفتنة والروح، وغيرها، وكل ذلك مرتبط بالسياق، وكلها مما يتبسط في استعماله بوجوه من القرائن، وسياسة القرينة العربية شريعة من شرائع الألفاظ.
فأقول: اعلم أن معنى الوجوه والنظائر أن تكون الكلمة واحدة، ذكرت في مواضع من القرآن على لفظ واحد وحركة واحدة، وأريدَ بكل مكان معنًى غير الآخر، فلفظ كل كلمة ذكرت في موضع نظير للفظ الكلمة المذكورة في الموضع الآخر، وتفسير كل كلمة بمعنًى غير معنى الأخرى، فهذا هو الوجوه. أي: أن الوجوه تتعلق بالمعاني، والنظائر تتعلق بالألفاظ، فهو لفظ واحد له معان متنوعة.
وأسباب هذه الظاهرة في الاستخدامات القرآنية ترجع لأشياء معلومة من لغات العرب؛ منها: اختلاف القبائل العربية في وضع الألفاظ بمعانيها، ومنها: أن اللفظ قد يوضع بمعنى ثم يستعمل في غيره مجازًا، ومنها: أن اللفظ يكون موضوعًا بمعنى مشترك بين المعنيين، والمثال المشهور في كلمة "القرء": {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}(البقرة: ٢٢٨) فهل القروء هي طُهر أم حيض؟ وهذا اللفظ من الألفاظ المشتركة، وقضية المشترك اللفظي معروفة بين الأصوليين.