اختلاف في صيغة الفعل بين التشديد والتخفيف، وعلى كلتا القراءتين يأتي معنًى يتضح فيه نفسية هذا الطاغية، ومدى حِقده ومدى إرادته الانتقام من موسى -عليه السلام- ومَن تبِعه من قومه:{سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ}، فـ {سَنُقَتِّلُ} تشعر بمدى الضغط النفسي الذي يصور حقدَ فرعون ورغبتَه الشديدة في الانتقام، و"سنقتل" أفادت عموم الإخبار بأنه سيفعل هذا الفعل ويقوم به، فاجتمعت القراءتان على إظهار معان ودَلالات تؤدي إلى بيان المغزى من القصة ومِن ذِكرها، وهو مدى طغيان الطاغين، ومحاولتهم التخلص من أهل الإيمان، والفراغ من شأنهم، سواء كان بالفعل أو بإبراز المبالغة في إحداث الفعل.
هذا كله من الجوانب التي تبين الجوانب اللغوية من الناحية النحوية والصرفية.
وهذه مسألة عظيمة في تنوع القراءات القرآنية؛ لأنها تظهر جانبًا من أهم الجوانب في إعجاز القرآن، وهو الجانب البلاغي، فمعلوم أن بيان القرآن وبلاغة القرآن هي سِر الإعجاز الذي اهتم به المهتمون، وأُفردت له المصنفات كما ذكرنا في بداية حديثنا على الإعجاز.
من ذلك: أن تأتي القراءة بين ذكر التذكير والتأنيث، من الأشياء التي اهتم بها البلاغيون إظهار قيمة الكلمة في استخدامها بين التذكير والتأنيث، وأنها تؤدي معنًى للتذكير غير المعنى الذي يؤديه معنى التأنيث، وهذه دراسة بلاغية غير دراسة الصرفية. دراسة الصرف تهتم بالصيغة، ودراسة البلاغة تهتم بالأثر المعنوي للصيغة.