(تابع: مقدمة في وجوه الإعجاز - الصرفة، والإخبار بالغيبيات)
لماذا نهتم بالإعجاز اللغوي في القرآن؟
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، اللهم صلِّ على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وآل بيته، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد؛ وبعد:
انتهينا إلى الحديث عن: لماذا نهتم بالإعجاز اللغوي؟
لا يشك عاقل أن لغة القرآن تختلف عن لغة البشر، وأن تراكيبها وأسلوبها ونظمها متناهٍ في البلاغة والفصاحة، إلى درجةٍ لا يصل إليها أحدٌ من البشر، ولو كان سيدهم -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَي إِلَيَّ}(يونس: ١٥).
فيكفيك دليلًا أن فصاحة سيد الفصحاء وإمام البلغاء لا ترقى لفصاحة القرآن، فما بالكم بمن دونه من البشر وذلك سائر البشر؛ ولذلك كان الاهتمام بالجانب اللغوي في القرآن لإبراز الفروق بين كلام الرحمن وكلام الإنسان، وصنفت في ذلك التصانيف؛ فالباقلاني في (إعجاز القرآن) أسهب في إثبات أن القرآن ليس شعرًا ولا سجعًا، وعرض نماذج لما يفتخر به العرب من شعرهم ونثرهم، ووازن بينه وبين القرآن لبيان الفرق الشاسع بينهما، والجرجاني صنف كتابه (دلائل الإعجاز) للاستدلال بنظرية النظم على تفرد القرآن في ذلك، وابن أبي الإصبع المصري صنف كتابًا سماه (تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن) فيتضح لك من العنوان مراد الرجل أن من تأمل الشعر والنثر بان له إعجاز القرآن في الجانب اللغوي؛ ولذلك أذكر لكم موازنة ذكرها الباقلاني في كتابه (إعجاز القرآن)؛ ليستدل بها على الفروق بين كلام الله وبين كلام العرب، فجعل الفروق في نقاط: