ثانيها: تشبيه الشيء بالشيء كقوله تعالى {أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ}(النور: ٣٦){أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}(إبراهيم: ١٨) وكما قيل الأمثال سرج القرآن.
وثالثها: استعارة المعاني البديعة كالتعبير عن تكوير الليل والنهار بالسلخ {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}(يس: ٣٧)، والتعبير عن المضي والقيام بالصدع {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}(الحجر: ٩٤) هذه الآية الكريمة عندما سمعها أعرابي سجدَ، فسألوه عن سبب سجوده قال: سجدت في هذا المقام لفصاحة هذا الكلام.
أما رابعها: فهو تلاؤم الكلمات والحروف بما فيه من جمال المقال وكمال الكلام: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ}(النمل: ٤٤){يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}(يوسف: ٨٤){فَأَدْلَى دَلْوَهُ}(يوسف: ١٩) تلاؤم الحروف؛ كل ذلك- أذكر كلام الفيروز أبادي مع التمثيل لأنه هو موضوع دراستنا؛ سنقف عند كل شيء من ذلك بالتفصيل إن شاء الله -سبحانه وتعالى- أما في هذا الدرس فهو معرض لما سنتناوله ومدخل لما سندرسه؛ فلذلك أكتفي بذكر المثال دون التعريج بتوضيحه كاملا.
أما خامسها: فهو فواصل الآيات ومقاطعها، فصورةٌ فواصلها على حرف كسورة طه {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(طه: ١ - ٥) تجد أنها تنتهي بحرف الألف، كذلك سورة القمر تنتهي بحرف الراء:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ}(القمر: ٢) إلى آخر الآيات، وهناك صور تنتهي فواصلها على حرفين كصورة الفاتحة بين الميم والنون: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ