يكتب؟ وكيف تعلمها؟ ومن أين تعلمها؟ وهو لم يخرج من بين ظهرانيهم، وهم لا علم لهم بهذه الأخبار التي يخبرهم بها -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- فكان التحدي الثاني {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ}(هود: ١٣) فإن كانت المسألة كذبًا وافتراءا وأساطير فما عليكم إلا أن تأتوا بمثلها، بل بمثل عشر سور فقط مفتراة كما تدّعون، فإن كنتم نسبتم إليه -صلوات الله وسلامه عليه- الكذب والافتراء وأنتم اللذين لقبتموه بالصادق الأمين فما الذي يحول بينكم وبين الافتراء وأنتم أرباب ذلك؟ افتراء افتراء!! فعليكم أن تفتروا مثلما افترى عشر سور مثله مفتريات، فلما عجزوا أيضا بلغ التحدي ذروته فوصل للدرجة العليا {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}(البقرة: ٢٣، ٢٤).
فلم يعد لهم حجة في الادعاء والإنكار والتكذيب، فليسوا مطالبين بأكثر من سورة ومع ذلك هم عاجزون بل لم ولن، انظر -رحمك الله- إلى التعبير بـ"لم ولن" لم تفعلوا ولن تفعلوا، لم نفي الماضي ولن نفي المستقبل، فهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا أن يأتوا بسورة من مثله، فكانت الحجة القاطعة بعدم الاستطاعة إلى قيام الساعة، فلن نفت المستقبل والخطاب لهم ولمن بعدهم، وكأن الله -عز وجل- يعلمنا هذه العبارة نقولها لكل من سوّلت له نفسه الطعن في القرآن أو تكذيب خير الأنام؛ أن نقول له: فأتوا بسورة من مثله.