والمقامات، وبدون الإعراب تختلط المعاني، ويضطرب فَهْم مراد الله تعالى. وهذه المسألة اهتم بها العلماء كثيرًا، وقد أفردت لها دراستي -الماجستير- بعنوان:(النحو والقراءات عند المنتجبي الهمذاني في كتابه الفريد في إعراب القرآن المجيد).
نأخذ نماذج لهذه الظاهرة:
أولها: تغاير القراءات بين الرفع والنصب، أي: تقرأ القراءة بالرفع وتقرأ بالنصب، وما يترتب على ذلك من أوجه للإعجاز. قال الله -سبحانه وتعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ}(الأعراف: ٢٦) قرئ تواترًا: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى} بالرفع "لباس" وقرئ و"لباسَ التقوى" بالنصب. فقرءاة النصب ينصرف توجيهها إلى العطف على كلمة "لباسا": {قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ}، و"أنزلنا لباس التقوى" فذلك على معنى العطف، فالباس الذي يواري السوءة الظاهرة، والتقوى التي تواري السوءات الباطنة التي تصيب العبد من أمراض وأدواء في القلب، فالتقوى هي طريق علاجها وطريق التطهر منها، فهذه القراءة تأتي على العطف، وقراءة الرفع تأتي على الاستئناف، على أن "لباس" مبتدأ، و"التقوى" مضاف إليه، وجملة:{ذَلِكَ خَيْرٌ} في محل رفع خبر لكلمة: {لِبَاسُ}. فكأن المولى -سبحانه وتعالى- ينشأ معنًى جديدًا ويستأنف معنًى جديدًا لأهل الإيمان، بأن خير ما يَلبسون وخير ما يتزينون به هو تقوى الله -سبحانه وتعالى-.
ومعلوم أن نزول الآية أو سبب نزولها كان يتعلق بما كانوا عليه في الجاهلية من الطواف بالبيت دون ملابس، يطوفون عَرايا بالبيت، فأنزل الله -سبحانه وتعالى- على عباده