وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} (الزلزلة: ١، ٢) فذكر الأرض إلى جانب إخراج الأثقال يصور هذا الجرم الهائل وقد انشق عن فجوات تقذف بما ضمت الأرض من أثقال، وهي المكان المستقر الثابت الذي نجد على سطحه الاستقرار، يصورها مائلةً مضطربةً تحت أقدامنا، فأي فزع يلم بنا عند هذا التصور، وذَكر أيضًا غرضًا ثالثًا وهو الذكر لتأكيد نعمة أدَّاها، فيكون هذا الذكر مثيرًا للشكر كما في قوله تعالى:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}(الأحزاب: ٢٥) وقال: ألا ترى هذه النعمة الكبرى نعمةَ حقن دماء المسلمين جديرة بذكر المنعم؛ ليشكر؟
وذكر أيضًا في ذكر المسند تثبيت معنى الجملة في النفس، وقد يثير حذفه ما قد يدل عليه معنًى لا يراد، واستدل بذلك بقوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(المائدة: ٤١) ففي تكرير: {لَهُمْ} ما يشعر بكمال قوة الجزائين، ويؤكد على أن العذاب العظيم قد أعد لهم في الآخرة.
وهذه النقطة الأولى.
والنقطة الثانية أن بعض الباحثين أنكر على هذه الأمثلة المصنوعة التي ذُكرت في أغراض ذكر المسند إليه، وأنكر كذلك على طريقة الاستشهاد لبعضها بشواهد شعرية، هذه الشواهد تدخل في باب التكرار أكثر ما تدخل في باب الذكر؛ لأنها تشمل كِلَا الاثنين: المسند والمسند إليه، مع تكرار ذكرهما، وهذه مسألة نبَّه إليها بعض الباحثين.