والإحياء. أما ما يتعلق بضمير الفصل من شروطه وأحكامه وأنواعه، فهذا باب ينصرف إلى النحو أكثر منه إلى البلاغة.
من أساليب التوكيد أيضًا بالأداة استخدام الحروف الزائدة؛ والحروف الزائدة هي الحروف التي لا تشغل محلًّا إعرابيًّا، أو لا تؤثر في الإعراب عند النحاة نماذج من استخدام هذه الحروف للتوكيد: هناك فرق بين اصطحاب خبر ليس بالباء وعدم اصطحابه بها، وكذلك ما يعمل عمل ليس مِن "ما" الحجازية. فانظر إلى قوله -سبحانه وتعالى:{وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}(البقرة: ١٤٤) وقوله -سبحانه وتعالى:{وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}(المجادلة: ١٠) ترى هذه الباءَ قد نفت كلَّ صلة تربط بين الله والغفلة في الآية الأولى، وبين السحر والضير في الآية الثانية، فلا صحبةَ بينهما ولا تلاقٍ.
ومن الأمثلة المشهورة لاستخدام هذه الحروف الزائدة للتوكيد استخدام "مِن" الجارة، فشتان بين أن تقول لأحد مثلًا: ما معي مال، وبين أن تقول له: ما معي من مال. فإنك إذا قلتَ له: ما معي مال، ربما توهَّم أن معك مالًا ولكنه قليل، فيطالبك بشيء من المال أيضًا، فإذا ما قلت له: ما معي من مال، فقد أكدت النفي، وأنه ليس معك أي شيءٍ تستطيع أن تعطيه إياه. انظر إلى قوله سبحانه وتعالى:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}(ق: ٣٨) وكيف يؤدي المعنى للتوكيد أقوى مِن: وما مسنا لغوب. وكذلك قوله -سبحانه وتعالى:{مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ}(المائدة: ١٩)، وفرق بين: ما جاءنا بشير ولا نذير. و {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}(القصص: ٣٨) وفرق بين: ما علمت لكم إلهًا غيري. وهي كثيرة في كتاب الله -سبحانه وتعالى. وهناك أدواتٍ أخرى تستخدم كـ لام القسم، وألا الاستفتاحية، وهاء التنبيه، وتوكيد التشبيه بكأنَّ، واستخدام ضمير الشأن أيضًا للتوكيد، واستخدام قد، واستخدام السين وسوف لتوكيد المضارع، واستخدام نوني التوكيد الخفيفة والثقيلة. كل ذلك من الأدوات التي تُستخدم للتوكيد.