دليل ذلك أننا ننظر إلى نقطة مقابلة، إذا ما نظرت مثلًا في كتاب (الفريد في إعراب القرآن المجيد) للمُنْتَجَب بن أبي العز رشيد الهمذاني المتوفى عام ستمائة وثلاث وأربعين من الهجرة تجده عند توجيهه المواضع التي قيل فيها في الزيادة ينص على مسألة الصلة، وعلى مسألة أنها جاءت للتوكيد، وعلى أنها تؤدي المعنى وإلى فرق المعنى بينها وبين غيرها، وذكر لطيفة من اللطائف ذكره بعدها الزركشي في (البرهان) هذه العبارة الجميلة التي توضح تقديرهم الشديد لمكانة هذا الحرف الذي يطلق عليه زائد، أو يقال عنه زائد اصطلاحًا نحويًا لا صلة له بالمعنى، وأنه لا يؤدي معنى مفيدًا، أو لا يؤثر في المعنى. يقول:"سئل بعض العلماء عن التوكيد بالحرف، وما معناه إذ إسقاط الحرف لا يخل بالمعنى، فقال: هذا يعرفه أهل الطباع إذ يجدون أنفسهم بوجود الحرف على معنى زائد لا يجدونه بإسقاط الحرف قال: ومثال ذلك مثال العارف بوزن الشعر طبعًا، فإذا تغير البيت بزيادة أو نقص أنكره، وقال: أجد في نفسي على خلاف ما أجده بإقامة الوزن، فكذلك هذه الحروف تتغير نفسُ المطبوع عند نقصانها، ويجد نفسه بزيادتها على معنى بخلاف ما يجدها بنقصانه".
هذا كلام بيِّنٌ ونص واضح في ضرورة تواجد هذه الحروف، وكذلك أثرها في السياق وتوضيحه، والناحية الجمالية في النص التي أشار إليها شيخنا محمد عبد الله دراز -رحمه الله- بمسألة الجمال الإيقاعي والجمال التنسيقي بأنه إذا ما حذف هذا الحرف حدث الخلل، ولا يتقبل الإنسان هذا الحذف، ويشعر بنقصان استمتاعه بالآيات، وبتلاوتها وبكلامها فرقًا بين ذكر الحرف وحذفه، فهذه المسألة يعترفون بها، ويقرون بها بل يعترف بها كل من يقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى. فهذا الحرف له دور في المعنى، وله دور في الإيقاع والتنسيق، وله دور في إعجاز القرآن الكريم وإنما أطلق عليه الزائد من باب الاصطلاح.