{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}(طه: ١٢٠)، فجملة {قَالَ يَا آدَمُ} بمنزلة عطف البيان من الجملة الأولى {فَوَسْوَسَ} وعطف البيان لا يُعطف على متبوعه، ومن ثم ترك الوصل بالواو وفصل بين الجملتين.
الموضع الثاني من مواضع الفصل هو: كمال الانقطاع، وكمال الانقطاع معناه أن يكون بين الجملتين تباين تام، كأن تختلف الجملتان خبرًا وإنشاءً، لفظًا ومعنى، وذلك كقوله تعالى:{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}(الحجرات: ٩)، {أَقْسِطُوا} جملة إنشائية لفظًا ومعنى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} جملة خبرية لفظًا ومعنى، فبينهما تباين تام وانقطاع كامل، مما يستوجب الفصل بينهما، وليس في الفصل ما يوهم خلاف المقصود فيجب الوصل، كما في الصورة الثالثة من كمال الاتصال وهي قول الصديق -رضي الله عنه:"لا ويرحمك الله". ومثلها قوله تعالى:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(فصلت: ٣٤)، {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ} جملة خبرية لفظًا ومعنى {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} جملة إنشائية لفظًا ومعنى.
الصورة الثانية: يمثل لها البلاغيون بقولهم: نجح خالد وفقه الله، فالجملة الأولى خبرية لفظًا ومعنى، والجملة الثانية خبرية لفظًا إنشائية معنى، وليس في الفصل بينهما ما يوهم خلاف المقصود. والصورة الثالثة: ألا يكون بين الجملتين مناسبة أصلًا، ويمثلون لها بقول الشاعر:
الفقر فيما جاوز الكفافَ ... من اتّقى الله رجا وخاف