للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أضواء البيان] (٦ / ٦٠٢، ٦٠٣) : اعلم أنه لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه، ولا يجوز له أن يمس شيء من بدنه شيئا من بدنها، والدليل على ذلك أمور: الأمر الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: «إني لا أصافح النساء. .» الحديث، والله عز وجل يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] (١) فيلزمنا ألا نصافح النساء؛ اقتداء به صلى الله عليه وسلم، والحديث المذكور قدمناه موضحا في سورة الحج في الكلام على النهي عن لبس المعصفر مطلقا في الإحرام وغيره للرجال، وفي سورة الأحزاب في آية الحجاب هذه، وكونه صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء وقت البيعة دليل واضح على أن الرجل لا بصافح المرأة، ولا يمس شيء من بدنه شيئا من بدنها؛ لأن أخف أنواع اللمس المصافحة، فإذا امتنع منها صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة، دل ذلك على أنها لا تجوز، وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريره.

الأمر الثاني: هو ما قدمناه من أن المرأة كلها عورة، يجب عليها أن تحتجب، وإنما أمر بغض البصر خوف الوقوع في الفتنة، ولا شك أن مس البدن للبدن أقوى في إثارة الغريزة، وأقوى داعيا إلى


(١) سورة الأحزاب، الآية ٢١.

<<  <   >  >>