ولهذا: يتعلق بها الأمر والنهي، والإلزام بالواجبات، والردع عن المحرمات، والإلزام بأداء الحقوق. وكذلك أمور السياسة والجهاد، فهي لمن أخلص فيها لله وقام بالواجب من أفضل العبادات، ولمن لم يكن كذلك من أعظم الأخطار.
ولهذا كانت من فروض الكفايات؛ لتوقف كثير من الواجبات عليها.
فإن قيل: كيف طلب يوسف ولاية الخزائن المالية في قوله: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ}[يوسف: ٥٥]
قيل: الجواب عنه قوله تعالى: {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}[يوسف: ٥٥]
فهو إنما طلبها لهذه المصلحة التي لا يقوم بها غيره: من الحفظ الكامل، والعلم بجميع الجهات المتعلقة بهذه الخزائن. من حسن الاستخراج، وحسن التصريف، وإقامة العدل الكامل. فهو لما رأى الملك استخلصه لنفسه وجعله مقدما عليه، وفي المحل العالي، وجب عليه أيضا النصيحة التامة، للملك والرعية. وهي متعينة في ولايته.
ولهذا: لما تولى خزائن الأرض سعى في تقوية الزراعة جدا. فلم يبق موضع في الديار المصرية من أقصاها إلى أقصاها يصلح للزراعة إلا زرع في مدة سبع سنين. ثم حصنه وحفظه ذلك الحفظ العجيب. ثم لما جاءت السنون الجدب، واضطر الناس إلى الأرزاق، سعى في الكيل للناس بالعدل، فمنع التجار من شراء الطعام خوف التضييق على المحتاجين، وحصل بذلك من المصالح والمنافع شيء لا يعد ولا يحصى، كما هو معروف.
الجملة الثانية: قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا منها