المشفوع عنده قبولها إلا أن يشفع في إيصال الحقوق الواجبة، فإن الحق الواجب يجب أداؤه وإيصاله إلى مستحقه، ولو لم يشفع فيه، ويتأكد ذلك مع الشفاعة.
وفيه أيضا: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم في حصول الخير لأمته بكل طريق. وهذا فرد من آلاف مؤلفة تدل على كمال رحمته ورأفته صلى الله عليه وسلم، فإن جميع الخير والمنافع العامة والخاصة لم تنلها الأمة إلا على يده وبوساطته وتعليمه وإرشاده، كما أنه أرشدهم لدفع الشرور والأضرار العامة والخاصة بكل طريق. فلقد بلغ وأدى الأمانة، ونصح الأمة صلوات الله وسلامه وبركته عليه وعلى آله وصحبه.
قوله:«ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء» قضاؤه تعالى نوعان: قضاء قدري، يشمل الخير والشر والطاعات والمعاصي، بل يشمل جميع ما كان وما يكون، وجميع الحوادث السابقة واللاحقة، وأخص منه القضاء القدري الديني الذي يختص بما يحبه الله ويرضاه، وهذا الذي يقضي على لسان نبيه من القسم الثاني؛ إذ هو صلى الله عليه وسلم عبد رسول، قد وفى مقام العبودية، وكمل مراتب الرسالة، فكل أقواله وأفعاله وهديه وأخلاقه عبودية لله متعلقة بمحبوبات الله تعالى. ولم يكن في حقه صلى الله عليه وسلم شيء مباح محض لا ثواب فيه ولا أجر، فضلا عما ليس بمأمور، وهذا شأن العبد الرسول الذي اختار صلى الله عليه وسلم هذه المرتبة التي هي أعلى المراتب حين خير بين أن يكون رسولا ملكا، أو عبدا رسولا.
[حديث أنزلوا الناس منازلهم]
الحديث الخامس عشر عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَنْزِلُوا النَّاسَ منازلهم» رواه أبو داود.