فعلمت أن هذه الأشياء كلها تكمل ظاهر الإنسان وتطهره وتنظفه، وتدفع عنه الأشياء الضارة والمستقبحة والنظافة من الإيمان.
والمقصود: أن الفطرة هي شاملة لجميع الشريعة باطنها وظاهرها ; لأنها تنقي الباطن من الأخلاق الرذيلة، وتحليه بالأخلاق الجميلة التي ترجع إلى عقائد الإيمان والتوحيد، والإخلاص لله والإنابة إليه وتنفي الظاهر من الأنجاس والأوساخ وأسبابها، وتطهره الطهارة الحسية والطهارة المعنوية، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«الطهور شطر الإيمان» وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: ٢٢٢]
فالشريعة كلها طهارة وزكاء وتنمية وتكميل، وحث على معالي الأمور، ونهي عن سفسافها، والله أعلم.
[حديث الماء طهور لا ينجسه شيء]
الحديث الثاني والعشرون عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . رَوَاهُ أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي.
هذا الحديث الصحيح يدل على أصل جامع، وهو أن الماء - أي جميع المياه النابعة من الأرض طاهرة، والنازلة من السماء الباقية على خلقتها، أو المتغيرة بمقرها أو ممرها، أو بما يلقى فيها من الطاهرات ولو تغيرا كثيرا - طاهرة تستعمل في الطهارة وغيرها. ولا يستثنى من هذا الكلام الجامع إلا الماء المتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، كما في بعض ألفاظ هذا الحديث.
وقد اتفق العلماء على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة، واستدل عليه الإمام أحمد وغيره بقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}[المائدة: ٣]