ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم اهدني لأحسن الأعمال والأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت. واصرف عني سيئ الأعمال والأخلاق، لا يصرف عني سيئها إلا أنت» . . والله أعلم.
[حديث قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ الله بما آتاه]
الحديث الثالث والسبعون عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
حكم صلى الله عليه وسلم بالفلاح لمن جمع هذه الخلال الثلاث.
و" الفلاح " اسم جامع لحصول كل مطلوب محبوب، والسلامة من كل مخوف مرهوب.
وذلك أن هذه الثلاث جمعت خير الدين والدنيا، فإن العبد إذا هدي للإسلام الذي هو دين الله الذي لا يقبل دينا سواه، وهو مدار الفوز بالثواب والنجاة من العقاب، وحصل له الرزق الذي يكفيه ويكف وجهه عن سؤال الخلق، ثم تمم الله عليه النعمة، بأن قنعه بما آتاه، وحصل له الرضى بما أوتي من الرزق والكفاف، ولم تطمح نفسه لما وراء ذلك، فقد حصل له حسنة الدنيا والآخرة.
فإن النقص بفوات هذه الأمور الثلاثة أو أحدها: إما أن لا يهدى للإسلام: فهذا مهما كانت حاله، فإن عاقبته الشقاوة الأبدية. وإما بأن يهدى للإسلام، ولكنه يبتلى: إما بفقر ينسي، أو غنى يطغي، وكلاهما ضرر ونقص كبير. وإما بأن يحصل له الرزق الكافي موسعا أو مقدرا ولكنه لا يقنع برزق الله، ولا يطمئن قلبه بما آتاه الله، فهذا فقير القلب والنفس.