الشرع به. ولهذا أجمع العلماء أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يحل له أن يعدل عنها لقول أحد، كائنا من كان.
فيجب على طالب العلم أن يعزم عزما جازما على تقديم قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد، وأن يكون أصله الذي يرجع إليه، وأساسه الذي يبني عليه، الاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، والاجتهاد في معرفة مراده، واتباعه في ذلك، ظاهرا وباطنا.
فمتى وفق لهذا الأمر الجليل فقد وفق للخير، وصار خطؤه معفوا عنه ; لأن قصده العام اتباع الشرع. فالخطأ معذور فيه إذا فعل مستطاعه من الاستدلال والاجتهاد في معرفة الحق، وهذا هو المتواضع للحق.
وأما الكبر على الخلق - وهو النوع الثاني -: فهو غمطهم واحتقارهم وذلك ناشئ عن عجب الإنسان بنفسه، وتعاظمه عليهم. فالعجب بالنفس يحمل على التكبر على الخلق، واحتقارهم والاستهزاء بهم، وتنقيصهم بقوله وفعله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» .
ولما قال هذا الرجل:«إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونعله حسنا» وخشي أن يكون هذا من الكبر الذي جاء فيه الوعيد: بين له النبي صلى الله عليه وسلم: أن هذا ليس من الكبر، إذا كان صاحبه منقادا للحق، متواضعا للخلق، وأنه من الجمال الذي يحبه الله ; فإنه تعالى جميل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، يحب الجمال الظاهري والجمال الباطني.
فالجمال الظاهر: كالنظافة في الجسد، والملبس، والمسكن، وتوابع ذلك.