فهذا هو الميزان الصحيح للإحسان وللنصح، فكل أمر أشكل عليك مما تعامل به الناس، فانظر، هل تحب أن يعاملوك بتلك المعاملة أم لا؟ فإن كنت تحب ذلك، كنت محبا لهم ما تحب لنفسك، وإن كنت لا تحب أن يعاملوك بتلك المعاملة، فقد ضيعت هذا الواجب العظيم (١) .
الحديث الحادي والتسعون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ، قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السؤال، وإضاعة المال» رواه مسلم.
فيه إثبات الرضى لله، وذكر متعلقاته، وإثبات الكراهة منه، وذكر متعلقاتها ; فإن الله جل جلاله من كرمه على عباده، يرضى لهم ما فيه مصلحتهم، وسعادتهم في العاجل والآجل.
وذلك بالقيام بعبادة الله وحده لا شريك له، وإخلاص الدين له بأن يقوم الناس بعقائد الإيمان وأصوله، وشرائع الإسلام الظاهرة والباطنة، وبالأعمال الصالحة، والأخلاق الزاكية، كل ذلك خالصا لله موافقا لمرضاته، على سنة نبيه، ويعتصموا بحبل الله، وهو دينه الذي هو الوصلة بينه وبين عباده، فيقوموا به مجتمعين متعاونين على البر والتقوى «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره» ، بل يكون محبا له مصافيا، وأخا معاونا.
(١) فالجملة الأولى فيها القيام بحق الله، والجملة الثانية فيها القيام بحق الخلق. والله أعلم.