[حديث إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ لَا تَكَادُ تَجِدُ فيها راحلة]
الحديث الثامن والتسعون عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ، لَا تكاد تجد فيها راحلة» . متفق عليه.
هذا الحديث مشتمل على خبر صادق، وإرشاد نافع.
أما الخبر، فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن النص شامل لأكثر الناس، وأن الكامل - أو مقارب الكمال - فيهم قليل، كالإبل المائة، تستكثرها، فإذا أردت منها راحلة تصلح للحمل والركوب، والذهاب والإياب، لم تكد تجدها، وهكذا الناس كثير، فإذا أردت أن تنتخب منهم من يصلح للتعليم أو الفتوى أو الإمامة، أو الولايات الكبار أو الصغار، أو الوظائف المهمة، لم تكد تجد من يقوم بتلك الوظيفة قياما صالحا، وهذا هو الواقع، فإن الإنسان ظلوم جهول، والظلم والجهل سبب للنقائص، وهي مانعة من الكمال والتكميل.
وأما الإرشاد، فإن مضمون هذا الخبر إرشاد منه صلى الله عليه وسلم إلى أنه ينبغي لمجموع الأمة أن يسعوا، ويجتهدوا في تأهيل الرجال الذين يصلحون للقيام بالمهمات، والأمور الكلية العامة النفع.
وقد أرشد الله إلى هذا المعنى في قوله:{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ}[التوبة: ١٢٢] فأمر بالجهاد، وأن يقوم به طائفة كافية، وأن يتصدى للعلم طائفة أخرى، ليعين هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء، وأمره تعالى بالولايات والتولية أمر بها، وبما لا تتم إلا به من الشروط والمكملات.
فالوظائف الدينية والدنيوية، والأعمال الكلية، لا بد للناس منها ولا