حميدة ترجع إلى العلوم النافعة، والمعارف الصحيحة، والعمل الصالح، فلنبينا منها أعلاها وأفضلها وأكملها، ولهذا لما ذكر الله أعيان الأنبياء الكرام قال لنبيه:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام: ٩٠]
وهداهم: هو ما كانوا عليه من الفضائل الظاهرة والباطنة.
وقد تم ما أمر به، وفاق جميع الخلق، ولذلك خص الله نبينا بخصائص لم يشاركه فيها أحد من الأنبياء، منها: هذه الخمس التي عادت على أمته بكل خير وبركة ونفع.
إحداها أنه نصر بالرعب مسيرة شهر، وهذا نصر رباني وجند من السماء يعين الله به رسوله وأمته المتبعين لهديه، فمتى كان عدوه عنه مسافة شهر فأقل، فإنه مرعوب منه، وإذا أراد الله نصر أحد ألقى في قلوب أعدائه الرعب، قال تعالى:{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}[آل عمران: ١٥١]
وألقى في قلوب المؤمنين من القوة والثبات، والسكينة والطمأنينة ما هو أعظم أسباب النصر، فالله تعالى وعد نبينا وأمته بالنصر العظيم، وأن يعينهم بأسباب أرشدهم إليها، كالاجتماع والائتلاف، والصبر والاستعداد للأعداء بكل مستطاع من القوة إلى غير ذلك من الإرشادات الحكيمة، وساعدهم بهذا النصر، وقد فعل تبارك وتعالى، كما هو معروف من حال نبينا صلى الله عليه وسلم والمتبعين له من خلفائه الراشدين والملوك الصالحين، تم لهم من النصر والعز العظيم في أسرع وقت ما لم يتم لغيرهم.
الثانية: قوله: «وجعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا» وحقق ذلك