السابقة أو اللاحقة (قِنْطَارًا) وهو المال الكثير، ﴿فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾ [النساء: ٢٠] بل وفروه لهن ولا تمطلوهن، وهذا يدل على جواز إعطاء النساء من المهور وغيرها المال الكثير، وأنها بذلك تملكه، ولكن الأكمل والأفضل التساهل في المهور اقتداء بالنبي ﷺ، وتسهيلا للنكاح ولطرقه وبراءة للذمم.
ثم ذكر الحكمة في تحريم أخذ الزوج ما أعطاه لزوجته، فقال: ﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا - وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: ٢٠ - ٢١] وبيان ذلك أن الأنثى قبل عقد النكاح محرمة على الزوج، وهي لم ترض بهذا الحل إلا بالعقد والميثاق الغليظ الذي عقد على ذلك العوض المشروط، فإذا دخل عليها وباشرها، وأفضى إليها وأفضت إليه، وباشرها المباشرة التي كانت قبل هذه الأمور حراما فقد استوفى المعوض، فثبت عليه العوض تاما، فكيف يستوفي المعوض ثم يرجع على العوض؟ لا ريب أن هذا من المنكرات القبيحة شرعا وعقلا وفطرة.
قد استوفى الباري المحرمات في النكاح في هذه الآيات في النسب والرضاع والمصاهرة، أما المحرمات بالمصاهرة فإن تزوج الرجل امرأة ترتب على هذا الزواج أربعة أحكام: تحريم هذه الزوجة على أولاده وإن نزلوا نسبا ورضاعا، وتحريمها على آبائه وإن علوا نسبا ورضاعا، وحرمت عليه أمها في الحال، وأما بنتها فإن كان قد دخل بزوجته حرمت أيضا، وصارت ربيبة، لا فرق بين بنتها من زوج سابق له، أو من زوج خلفه عليها.