التي تحق الحق وتبطل الباطل، مع الرفق واللين وعدم المغاضبة والمشاتمة.
وقد علم الله مع ذلك أن الناس ثلاثة أقسام، كل يدعى بالطريق التي تناسبه:
القسم الأول: المنقادون الملتزمون الراغبون في الخير، الراهبون من الشر، فهؤلاء لما عندهم من الاستعداد لفعل المأمورات وترك المنهيات، والاشتياق إلى الاعتقاد الصحيح، فقط يكتفى ببيان الأمور الدينية لهم والتعليم المحض.
والقسم الثاني: الذين عندهم غفلة وإعراض واشتغال بأمور صادَّة عن الحق، فهؤلاء مع هذا التعليم يدعون بالموعظة الحسنة بالترغيب والترهيب؛ لأن النفوس لا تلتفت إلى منافعها، ولا تترك أغراضها الصادَّة لها عن الحق علما وعملا إلا مع البيان لها أن ترغب وترهب بذكر ما يترتب على الحق من المنافع وعلى الباطل من المضار، والموازنة بين الأمور النافعة والضارة.
والقسم الثالث: المعارضون أو المعاندون المكابرون، المتصدون لمقاومة الحق ونصرة الباطل، فهؤلاء لا بد أن يسلك معهم طريق المجادلة بالتي هي أحسن بحسب ما يليق بالمجادِل والمجادَل وبتلك المقالة وما يقترن بها، وإذا أردت تطبيق هذه الأمور الثلاثة تماما فانظر إلى دعوات الرسل صلوات الله وسلامه عليهم التي حكاها في كتابه مع أممهم المستجيبين، والمعرضين والمعارضين، تجدها محتوية على غاية الحسن في كل أحوالها.
ثم انظر إلى دعوة سيدهم وإمامهم محمد ﷺ، وما سلك من الطرق المتنوعة في دعاية الخلق عموما وخصوصا على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم