وينادون أهل الجنة مستغيثين بهم: ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٥٠] فيقول لهم أهل الجنة: ﴿إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [الأعراف: ٥٠] وينادون ربهم فيقولون: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ - رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٦ - ١٠٧] فيجيبهم الله: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٨] فحينئذ ييأسون من كل خير، ومن كل فرج وراحة، ويتيقنون أنه الخلود الدائم والعذاب الأبدي والشقاء المستمر. . فنسأل الله الجنة، وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ به من النار، وما قرب إليها من قول وعمل.
الإيمان بالملائكة أحد أصول الإيمان، ولا يتم الإيمان بالله وكتبه ورسله إلا بالإيمان بالملائكة، وقد وصفهم الله بأكمل الصفات، وأنهم في غاية القوة على عبادة الله والرغبة العظيمة فيها، وأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وأنهم لا يستكبرون عن عبادته، بل يرونها من أعظم نعمه عليهم، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
ففي هذا بيان كمال محبتهم لربهم، وقوة إنابتهم إليه، ونشاطهم التام في طاعته، وأنهم لا يعصونه طرفة عين، وهم الوسائط بينه وبين رسله، وخصوصا جبريل أفضلهم وأعظمهم وأقواهم وأرفعهم عند الله منزلة؛ فإنه ذو: ﴿قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ - مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير: ٢٠ - ٢١]