تعالى اختصام الخلق واختلافهم ذكر القول الفصل في ذلك، الصادر من أهل العلم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٥٦]
وفي هذا دليل على كمال عدل أهل العلم؛ فإن الله استشهد بهم على عباده، وذلك تعديل منه لهم، وفي هذا من الشرف وعلو المكانة ما لا يخفى.
العلم لا بد فيه من إقرار القلب، ومعرفته بمعنى ما طلب منه علمه، ولا يتم ذلك إلا بالعمل بمقتضى ذلك العلم في كل مقام بحسبه؛ وهذا العلم الذي أمر الله به فرض عين على كل إنسان، لا يسقط عن أحد كائنا من كان.
والضرورة إلى هذا العلم والعمل بمقتضاه - من تمام التأله لله - فوق كل ضرورة، والعلم بالشيء يتوقف على معرفة الطريق المفضي إلى معرفته وسلوكها.
والطريق إلى العلم بأنه ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [البقرة: ١٦٣] على وجه الإجمال والعموم أمور:
أحدها: - وهو أعظمها وأوضحها وأقواها - تدبر أسماء الله وصفاته وأفعاله الدالة على كماله وعظمته وجلاله؛ فإن معرفتها توجب العلم بأنه لا يستحق الألوهية سواه، وتوجب بذل الجهد في التأله والتعبد لله الكامل، الذي له كل حمد ومجد وجلال وجمال.
الثاني: العلم بأنه الرب المنفرد بالخلق والرزق والتدبير، فبذلك يعلم أنه المنفرد بالألوهية.