ومنها: أن الإيمان هو السبب الوحيد للقيام بذروة سنام الدين، وهو: الجهاد البدني والمالي والقولي، جهاد الكفار بالسيف والسنان، وجهاد الكفار والمنافقين والمنحرفين في أصول الدين وفروعه بالحكمة والحجة والبرهان، فكلما قوي إيمان العبد علما ومعرفة وإرادة وعزيمة قوي جهاده، وقام بكل ما يقدر عليه بحسب حاله ومرتبته، فنال الدرجة العالية والمنزلة الرفيعة، وإذا ضعف الإيمان ترك العبد مقدوره من الجهاد القولي بالعلم والحجة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضعف جهاده البدني لعدم الحامل له على ذلك، ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحجرات: ١٥]
فصادق الإيمان يحمله صدقه على القيام بهذه المرتبة التي هي مرتبة الطبقتين العاليتين بعد النبيين: طبقة الصديقين المجاهدين بالعلم والحجة والتعليم والنصيحة، وطبقة الشهداء الذين قاتلوا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا من دون قتل؛ وهذا كله من ثمرات الإيمان ومن تمامه وكماله؛ وبالجملة فخير الدنيا والآخرة كله فرع عن الإيمان ومترتب عليه، والهلاك والنقص إنما يكون بفقد الإيمان ونقصه؛ والله المستعان.
فصل
في ذكر بعض الآيات
الحاثة على القيام بحقوق الله وحقوق الخلق
قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا