ومنها: أن الإيمان الكامل يمنع من دخول النار بالكلية، كما منع صاحبه في الدنيا من عمل المعاصي، ومن الإصرار على ما وقع منه منها، والإيمان الناقص يمنع الخلود في النار وإن دخلها كما تواترت بذلك النصوص بأنه يخرج من النار من كان معه مثقال حبة خردل من إيمان.
ومنها: أن الإيمان يوجب لصاحبه أن يكون معتبرا عند الخلق أمينا، ويوجب للعبد العفة عن دماء الناس وأموالهم وأعراضهم؛ وفي الحديث «المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم»؛ وأي شرف دنيوي أبلغ من هذا الشرف الذي يبلغ بصاحبه أن يكون من الطبقة العالية من الناس، لقوة إيمانه، وتمام أمانته، ويكون محل الثقة عندهم، وإليه المرجع في أمورهم، وهذا من ثمرات الإيمان الجليلة الحاضرة.
ومنها: أن قوي الإيمان يجد في قلبه من ذوق حلاوته ولذة طعمه واستحلاء آثاره، والتلذذ بخدمة ربه، وأداء حقوقه وحقوق عباده - التي هي موجب الإيمان وأثره - ما يزري بلذات الدنيا كلها بأسرها، فإنه مسرور وقت قيامه بواجبات الإيمان ومستحباته، ومسرور بما يرجوه ويؤمله من ربه من ثوابه وجزائه العاجل والآجل، ومسرور بأنه ربح وقته الذي هو زهرة عمره وأصل مكسبه، ومحشو قلبه أيضا من لذة معرفته بربه ومعرفته بكماله وكمال بره، وسعة جوده وإحسانه ولذة محبته والإنابة إليه الناشئة عن معرفته بأوصافه، وعن مشاهدة إحسانه ومننه.
فالمؤمن يتقلب في لذات الإيمان وحلاوته المتنوعة، ولهذا كان الإيمان مسليا عن المصيبات مهونا للطاعات، ومانعا من وقوع المخالفات، جاعلا إرادة العبد وهواه تبعا لما يحبه الله ويرضاه، كما قال النبي ﷺ: «لا يؤمن