هذه الآيات الكريمة فيها الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والدخول تحت رق عبوديته التي هي غاية شرف العبد، والانقياد لأوامره واجتناب نواهيه محبة له وذلا له، وإخلاصا لله وإنابة له في جميع الحالات وفي جميع العبادات الظاهرة والباطنة، وفيها النهي عن الشرك به شيئا، سواء كان شركا أكبر: بأن يصرف نوعا من أنواع العبادة لغير الله، أو شركا أصغر: مثل وسائل الشرك كالحلف بغير الله والرياء، ونحو ذلك مما يتذرع به إلى الشرك، بل الواجب المتعين إخلاص العبادة لمن له الكمال المطلق من جميع الوجوه، والتدبير الكامل الشامل الذي لا يشركه ولا يعينه عليه أحد.
ثم بعدما أمر بالقيام بحق الله المقدم على كل حق أمر بالقيام بحقوق ذوي الحقوق من الخلق: الأهم فالأهم، فقال: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: ٢٣] أي: أحسنوا إليهم بالقول الكريم، والخطاب اللطيف، وبالفعل: بالقيام بطاعتهما، واجتناب معصيتهما، والحذر من عقوقهما، والإنفاق عليهما، وإكرام من له تعلق بهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من جهتهما.