للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله في مخلوقاته مع ذلك فلا يؤوده - أي: يثقله - حفظهما، لكمال عظمته وقوة اقتداره وسعة حكمته في أحكامه.

﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ﴾ [البقرة: ٢٥٥] بذاته على جميع مخلوقاته، فهو الرفيع الذي باين جميع مخلوقاته؛ وهو العلي بعظمة صفاته، الذي له كل صفة كمال، ومن تلك الصفات أكملها ومنتهاها، وَهُوَ الْعَلِيُّ الذي قهر جميع المخلوقات، ودانت له كل الموجودات، وخضعت له الصعاب، وذلت له الرقاب.

﴿الْعَظِيمُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] الجامع لجميع صفات العظمة والكبرياء والمجد، الذي تحبه القلوب، وتعظمه الأرواح، ويعرف العارفون أن عظمة كل موجود - وإن جلت عن الصفة - فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم، فتبارك الله ذو الجلال والإكرام.

فآية احتوت على هذه المعاني التي هي أجل المعاني وأفرضها على العباد، يحق أن تكون أعظم آيات القرآن، ويحق لمن قرأها متدبرا متفقها أن يمتلئ قلبه أن اليقين والعرفان والإيمان، وأن يكون بذلك محفوظا من شرور الشيطان، وقد نعت الباري نفسه الكريمة بهذه الأوصاف في عدة آيات من كتابه.

٤ - ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: ١٨]

هذه أجل الشهادات على الإطلاق؛ فإنها صدرت من الملك العظيم، ومن ملائكته وأنبيائه وأهل العلم على أجل مشهود عليه؛ وهو توحيد الله وقيامه بالقسط، وذلك يتضمن الشهادة على جميع أحكام الشرع، وأحكام الجزاء؛ فإن الدين أصله وقاعدته توحيد الله، وإفراده بالعبادة، والاعتراف

<<  <   >  >>