للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فما هو عليه في التوحيد والأصول والعقائد والأخلاق وجميع ما قص علينا من نبئه، فإن اتباعنا إياه من ديننا؛ ولهذا لما كان هذا أمرا عاما لأحواله كلها استثنى الله حالة من أحواله فقال:

﴿إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾ [الممتحنة: ٤]

أي: فلا تقتدوا به في هذه الحال بالاستغفار للمشركين، فإن استغفار إبراهيم لأبيه إنما كان عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه.

ومنها: أن الله اتخذه خليلا، والخلة أعلى درجات المحبة، وهذه المرتبة لم تحصل لأحد من الخلق إلا للخليلين إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم.

ومنها: ما أكرمه الله به من الكرامات المتنوعة، جعل في ذريته النبوة والكتاب، وأخرج من صلبه أمتين هما أفضل الأمم: العرب وبنو إسرائيل، واختاره الله لبناء بيته الذي هو أشرف بيت، وأول بيت وضع للناس، ووهب له الأولاد بعد الكبر واليأس، ملأ بذكره ما بين الخافقين، وامتلأت قلوب الخلق من محبته وألسنتهم من الثناء عليه.

ومنها: أن الله رفعه بالعلم واليقين وقوة الحجج، قال جل ذكره:

﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: ٧٥]

﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: ٨٣]

ومن شوقه إلى الوصول إلى غاية العلم ونهايته أن سأل ربه:

<<  <   >  >>