قد انقلب عليه الحسن بالقبيح، فاستحسن ما كان قبيحا، ونفر من الطيب، وذلك دليل على انحراف الأخلاق.
وفيها وفي قصة إبراهيم، جواز التعريض، أما قصة إبراهيم ففي قوله: ﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ - فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٨ - ٨٩]
وأما لوط ففي قوله: ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ [هود: ٧٨] والتعريض يكون في الأقوال، ويكون في الأفعال، وهو أن يقصد المتكلم أو العامل لعمل أمرا من الأمور التي لا بأس بها، ويوهم السامع والرائي أمرا آخر؛ ليستجلب منفعة، أو يدفع مضرة.
ومنها: أن من علامة الرجل الرشيد أنه هو المسدد في أقواله وأفعاله، ومن ذلك أنه ينصر المظلومين، ويفرج الكرب عن المكروبين، ويأمر بالخير، وينهى عن الشر، هذا هو الرشيد حقيقة، فلهذا قال لوط: ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ [هود: ٧٨]؟ أي: فيأمر بمعروف، وينهى عن منكر، ويدفع أهل الشر والبغي.
ومنها: الحث على السعي في الأعوان على أمور الخير ودفع الشر، ولو كان المعاون على ذلك من أهل الشر، فإن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم عند الله، ولهذا قال لوط: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ [هود: ٨٠] وأكثر الأنبياء يبعثهم الله في أشراف قومهم، ويحصل بذلك من تأييد الحق وقمع الباطل، والتمكن من الدعوة ما لا يحصل لو لم يكن كذلك، واعتبر هذا بحال شعيب وقول قومه له:
﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ﴾ [هود: ٩١] وكذلك نبينا محمد بعث في أشرف بيت في قريش وأعزه، وقد رماه قومه بالعداوة البليغة، وعقدوا المجالس المتعددة في إبطال قوله ودينه، بل وفي