للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: بلغ محلا متوسطا بين السَّدين الموجودين منذ خلق الله الأرض، وهما سلاسل جبال عظيمة شاهقة متواصلة من تلك الفجوة، وهي الريع إلى البحار الشرقية والغربية وهي في بلاد الترك، على هذا اتفق المفسرون والمؤرخون، وإنما اختلفوا: هل هي سلاسل جبال القفقاس أم دون ذلك في أذربيجان، أم سلاسل جبال ألتاي، أم الجبال المتصلة بالسور الصيني في بلاد منغوليا؟ وهو الظاهر، وعلى الأقوال كلها فوجد عند تلك الفجوة التي بين سلاسل هذه الجبال قوما لا يكادون يفقهون قولا؛ من بُعد لغتهم، وثقل فهمهم للغات الأمم:

﴿قَالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ [الكهف: ٩٤]

وهم أمم عظيمة من نسل يا فث بن نوح من العناصر التركية وغيرهم، كما هو مذكور مفصل من أحوالهم ومشروح من صفاتهم:

﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا - قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ [الكهف: ٩٤ - ٩٥]

من القوة والأسباب والاقتدار خير فأعينوني بقوة، أي: إن هذا بناء عظيم يحتاج في الإعانة عليه إلى مساعدة قوية في الأبدان.

﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾ [الكهف: ٩٥]

ولم يقل: سدًّا؛ لأن الذي بني فقط هو تلك الثنية والريع الواقع بين السدين الطبيعيين، أي: بين سلاسل تلك الجبال، فدبرهم على كيفية آلاته وبنيانه فقال:

﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ [الكهف: ٩٦]

أي: اجمعوا لي جميع قطع الحديد الموجودة من صغار وكبار، ولا تدعوا من

<<  <   >  >>