وانظر إلى الأصل الثاني وهو إثبات الرسالة، وأن الله قد أقام على صدق رسله من الآيات ما على مثله يؤمن البشر، وخصوصا محمد ﷺ، فإن آيات نبوته وأدلة رسالته وصدقه متنوعة: سيرته وأخلاقه وما جاء به من الدين القويم، وحثَّه على كل خلق كريم وعمل صالح ونفع وإحسان وعدل، ونهيه عن ضد ذلك، وما جاء به من الوحي: الكتاب والسنة، كله جملة وتفصيلا براهين على نبوته وصدقه، مع ما أكرمه الله به من النصر العظيم وإظهار دينه على الأديان كلها، ومن إجابة الدعوات وحلول أنواع البركات التي لا تعد أنواعها فضلا عن أفرادها، وهذا بقطع النظر عن شهادة الكتب السابقة، وعن عجز المعارضين له في مقامات التحدي كلها، وعجزهم عن نصر باطلهم.
ولا يزال الباطل بين يدي ما جاء به الرسول مخذولا راهقا، بحيث إن القائمين بما جاء به الرسول القائمين بمعرفة دينه يتحدَّوْن جميع أهل الأرض أن يأتوا بصلاح أو فلاح أو رقي حقيقي أو سعادة حقيقية بجميع وجوهها، وأنه محال أن يتوصل إلى شيء من ذلك بغير ما جاء به الرسول وأرشد إليه ودل الخلق عليه، ولولا الجهل بما جاء به الرسول، والتعصبات الشديدة من الأعداء والمقاومات العنيفة، وإقامة الحواجز المتعددة العنيفة لمنع الجماهير والدهماء من رؤية الحق الصريح والدين الصحيح، لم يبق على وجه الأرض دين سوى دين محمد ﷺ لدعوته وإرشاده وحثه على كل صلاح وإصلاح وخير ورشد، ولكن مقاومات الأعداء ونصر القوة للباطل بالتمويهات والتزويرات وتقاعد أهل الدين عن القيام به ونصرته