شدة حاجتهم إليه، وأنه ليس في طاقتهم احتمال هذا العذاب، وليتذكروا منة الله عليهم، فإن صرف الشدة يعظم وقعه بحسب شدتها وفظاعتها.
﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧] أي: النفقات الواجبة والمستحبة، ﴿لَمْ يُسْرِفُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] أي: يزيدوا على الحد فيدخلوا في قسم التبذير وإهمال الحقوق الواجبة، ﴿وَلَمْ يَقْتُرُوا﴾ [الفرقان: ٦٧] فيدخلوا في باب الشح والبخل، وكان إنفاقهم بين الإسراف والتقتير ﴿قَوَامًا﴾ [الفرقان: ٦٧] تقوم به الأحوال؛ فإنهم يبذلون في الواجبات من الزكوات والكفارات والنفقات الواجبة، وفيما ينبغي من الأمور النافعة على المحتاجين، وفي المشاريع الخيرية، وفي الأمور الضرورية والكمالية الدينية والدنيوية من غير ضرر ولا إضرار، وهذا من اقتصادهم وعقلهم وحسن تدبيرهم.
﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الفرقان: ٦٨] لا دعاء عبادة ولا دعاء مسألة، بل يعبدونه وحده مخلصين له الدين حنفاء، مقبلين عليه معرضين عما سواه، ﴿وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ﴾ [الفرقان: ٦٨] وهي نفس المسلم والكافر المعاهد، ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الفرقان: ٦٨] كقتل النفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك لدينه المفارق للجماعة، ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ [الفرقان: ٦٨] المذكور من الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله والزنا، ﴿يَلْقَ أَثَامًا - يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ﴾ [الفرقان: ٦٨ - ٦٩] أي: العذاب، ﴿مُهَانًا﴾ [الفرقان: ٦٩]
فالوعيد بالخلود لمن فعلها كلها ثابت في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، كذلك لمن أشرك بالله، وكذلك الوعيد بالعذاب الشديد على كل واحد من هذه الثلاثة؛ لكونها كلها من أكبر الكبائر، وأما خلود القاتل بغير حق والزاني،