للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي هو عين سعادة العبد وفلاحه، فليخلص فيها، وليخلصها من شوائب الأغراض الفاسدة.

والمقصود من هذا الحث على تكميل التوبة، وأن تكون على أكمل الوجوه وأجلها؛ لتحصل له ثمراتها الجليلة.

﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان: ٧٢] أي: لا يحضرون الزور، أي: القول المحرم والفعل المحرم، فيجتنبون جميع المجالس المشتملة على كل قول وفعل محرم، كالخوض في آيات الله بالباطل، والجدل الباطل، والغيبة والنميمة، والسب والقذف، والاستهزاء وشرب الخمر، والغناء المحرم، وفرش الحرير والصور، ونحو ذلك، وإذا كانوا لا يشهدون الزور فإنهم من باب أولى لا يفعلونه ولا يقولونه؛ وشهادة الزور داخلة في قول الزور.

﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ﴾ [الفرقان: ٧٢] وهو الكلام الذي لا فائدة فيه، دينية ولا دنيوية، ككلام السفهاء ونحوهم، ﴿مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ٧٢] أي: نزهوا أنفسهم وأكرموها عن الخوض فيه، ورأوه سفها منافيا لمكارم الأخلاق.

وفي قوله: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ﴾ [الفرقان: ٧٢] إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره، ولا سماعه، ولكن يحصل ذلك بغير قصد، فيكرمون أنفسهم عنه.

﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾ [الفرقان: ٧٣] التي أمروا بالاستماع لها والاهتداء بها ﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ [الفرقان: ٧٣] أي: لم يقابلوها بالإعراض عنها، والصمم عن سماعها، وصرف القلب عنها كما يفعله من لم يؤمن بها ويصدق، وإنما حال هؤلاء الأخيار عند سماعها كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥]

<<  <   >  >>