برهان الإيمان، ولهذا اتفق الصحابة على قتال مانعي الزكاة، وقال أبو بكر ﵁:" لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ".
فقوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾ [التوبة: ١٠٣] هذا الأمر موجه للنبي ﷺ، ومن قام مقامه أن يأخذ من أموال المسلمين صدقة، وهي الزكاة، وهذا شامل لجميع الأموال المتمولة من أنعام وحروث ونقود وعروض، كما صرح به في الآية الأخرى: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٦٧] من النقود والعروض والماشية المنماة، ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧] من الحبوب والثمار.
وقد وضح النبي ﷺ النصب في هذه الأنواع كلها، وبين مقدار الواجب منها، وأنها عشر الخارج من الأرض مما يسقى بلا مؤنة، ونصف عشره فيما سقي بمؤنة، وربع العشر من أموال التجارة، وذلك إذا حال الحول في أموال التجارة، وحصل الحصاد والجذاذ وقت حصول الثمار، كما هو صريح الآية المذكورة.
وأمر تعالى بإخراج الوسط، فلا يظلم رب المال فيؤخذ العالي من ماله - إلا أن يختار هو ذلك - ولا يحل له أن يتيمم الخبيث - وهو الرديء من ماله - فيخرجه، ولا تبرأ بذلك ذمته إن كانت فرضا، ولا يتم له الأجر والثواب إن كانت نفلا؛ وبين تعالى الحكمة في ذلك، وأنها حكمة معقولة: فكما أنكم لا ترضون ممن عليه حق لكم أن يعطيكم الرديء من ماله الذي هو دون حقكم إلا أن تقبلوه على وجه الكراهة والإغماض، فكيف ترضون لربكم ولإخوانكم ما لا ترضونه لأنفسكم؟ فليس هذا من الإنصاف والعدل.
وبين تعالى الحكمة في الزكاة وبيان مصالحها العظيمة، فقال: ﴿تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ [التوبة: ١٠٣] فهذه كلمة جامعة، يدخل فيها من المنافع للمُعْطِي والْمُعْطَى