للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنفقوا افتقروا؛ فمن كان مجيبا لداعي الرحمن وأنفق مما رزقه الله فليبشر بمغفرة الذنوب، وحصول كل مطلوب؛ ومن كان مجيبا لداعي الشيطان فإنه إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير؛ فليختر العبد أي الأمرين أليق به، وختم الآية بالإخبار بأنه " واسع عليم " أي: واسع الصفات، كثير الهبات، عليم بمن يستحق المضاعفة من العاملين المخلصين الصادقين، وعليم بمن هو أهل لذلك، فيوفقه لفعل الخيرات وترك المنكرات.

﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ٦٠]

المراد بالصدقات هنا الزكاة، فهؤلاء الثمانية هم أهلها، إذا دفعت إلى جهة من هذه الجهات أجزأت ووقعت موقعها، وإن دفعت في غير هذه الجهات لم تجز؛ وهؤلاء المذكورون فيها قسمان: قسم يأخذ لحاجته كالفقراء والمساكين والرقاب وابن السبيل والغارم لنفسه، وقسم يأخذ لنفعه العمومي والحاجة إليه، وهم البقية.

فأما الفقراء والمساكين فهم خلاف الأغنياء، والفقير أشد حاجة من المسكين، لأن الله بدأ به، والأهم مقدم في الذكر غالبا، ولكن الحاجة تجمع الصنفين، ﴿وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾ [التوبة: ٦٠] وهم السعاة الذين يجبونها ويكتبونها ويحفظونها، ويقسمونها على أهلها، فهم يعطون ولو كانوا أغنياء لأنها بمنزلة الأجرة في حقهم، ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ [التوبة: ٦٠] وهم سادات العشائر والرؤساء الذين إذا أعطوا حصل في إعطائهم مصلحة للإسلام والمسلمين، إما دفع شرهم عن المسلمين، وإما رجاء إسلامهم وإسلام نظرائهم، أو جبايتها ممن لا يعطيها

<<  <   >  >>