ومنها: أن الآية الكريمة تدل على أن طهارة التيمم تنوب وتقوم مقام طهارة الماء عند عدمه، أو التضرر باستعماله؛ لأن الله أنابه منابه، وسماه طهارة.
وكذلك الأحاديث الكثيرة تدل على هذا، وبهذا يعرف أن الصحيح أن طهارة التيمم لا تبطل بخروج وقت ولا دخوله، ولا غير ذلك مما قاله كثير من أهل العلم، بل إنها تبطل بأحد أمرين: إما حصول ناقض من نواقض الطهارة، وإما وجود الماء أو زوال الضرر المانع من استعمال الماء.
ومنها: أن الماء المتغير بالطاهرات - ولو تغيرا كثيرا - أنه يجب تقديمه على طهارة التيمم، لأن قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ [المائدة: ٦] نكرة في سياق النفي، فيعم أي ماء سوى الماء النجس.
ومنها: ما استدل به كثير من أهل العلم أن من كان في موضع ليس فيه ماء، وهو يشك في وجوده فيما يقاربه أن عليه أن يطلبه، ويفتش فيما حوله قبل أن يعدل إلى التيمم، لأن قوله: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا﴾ [المائدة: ٦] لا يقال إلا بعد طلب ما يمكن طلبه من دون مشقة، وهو استدلال لطيف.
ومنها: أنه لا بد في الطهارة من النية؛ لقوله في طهارة الماء: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ [المائدة: ٦]) إلى آخره، وفي طهارة التيمم: ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦] أي: اقصدوا ﴿صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٦] ومن لازم ذلك النية.
ومنها: أن هذه الأحكام التي شرعها الله لعباده إنما ذلك رحمة منه بعباده؛ ليقوموا بالعبادات التي تتوقف سعادتهم وفلاحهم عليها، وأنه يريد إتمام نعمته عليهم بالأوامر الشرعية التي لا مشقة فيها ولا حرج؛ لينالوا