للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلَمْ يَكُ مِن حَظِّ لَهُ في حَياتِهِ ... وذاك على الإخلاص أقوى الدلائل

ولَمْ يَكُ يَسْعى في سوى الزهْدِ والتقَى ... وقد كان فيه خير ساعٍ وفاعل

ولَمْ يَكُ فعَّالاً سوى الخير والهُدى ... وهاتيك -والرحمن- أفعال عاقل

تَعَزوْا جَميعَ الناسِ عنهُ فكُلُّكُم ... مصابٌ به من عالمين وجاهل

فكَمْ قامَ فيما نابَكُم مِن مُلِمَّةِ ... وشغلٍ بما فيه من الحزن شاغل

على قاصِديكُم بالنوائِب مُنْكِراً ... بلفظ وجيز للمواعظ شامل

وكَمْ ذَب عنكُمْ مَرةً وحَماكُمُ ... بقول وعزم مثل حد المناصل (١)

[٤٤] رَجاءَ ثَواب اللهِ لا قَصْدَ سُمْعَةِ ... ولا لحياء منكم وفواضل/

فأسْكَنَهُ الرحمنُ في دارِ خُلْدِهِ ... وبلَّغه منها أجل المنازل

ورَثاهُ بعضُ فضلاء الحنفية (٢) -رحمهم الله أجمعين-:

مُصابٌ أَصابَ القَلْبَ والجَفْنَ أرقا ... وخطبٌ أتى بالحزن والصبر فرَّقا

ورُزْءٌ تَفَشَّى المُسْلِمينَ بأسْرِهم ... وسهمٌ إلى عين الشريعة فوِّقا (٣)

فأضْمَى صَميمَ القَلْبِ مِن كُل مُسْلِم ... وأصلا الحشا جمراً من الحزن محرقا

ولَمْ يَعْدُ قَلْبَ الشافعيةِ نَصْلُهُ ... وإن كان قد عم المذاهب مطلقا

لَقَدْ سَددَ الرَّامي السِّهامَ ولَمْ يَكُنْ ... ليخطي به سهم المنون مفوقا

وخَطْبٌ يَجوبُ الأرضَ شَرْقاً ومَغْرِباً ... فأشأم في قطع البلاد وأعرقا


(١) المناصل: جمع مُنصُل: السيف.
انظر: "المنهاج السوي" (ص ٨٨).
(٢) كذا قال المصنف، ولم يسمه، وكذا قال السخاوي في "ترجمة الإمام النووي" (ص٧٦)؛ إلا أن السيوطي سماه في "المنهاج السوي" (ص٨٨)، فقال: "وقال الفقيه سليمان بن أبي الحارث الأنصاري الحنفي".
(٣) (الفُوق)؛ من السهم: حيث يثبت الوتر منه. و (فُوِّق السهم): كان بأحد طرفي فُوقه مَيل أو انكسار.

<<  <   >  >>