للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَمَّ جَميعَ الأرْضِ مِن كُلِّ وِجْهَةٍ ... وإن خص من دون الأقاليم (جلقا) (١)

ومادَتْ نَواحي الأرض حُزْناً بأهْلِها ... وكادت قلوب الخلق أن تتمزقا

وضاقَ الفَضاءُ الرحْبُ حَتى لَقَدْ غَدا ... كسم خياط (٢) أو من السم أضيقا

وقَدْ حَكَمَتْ أيْدي المَنونِ بِمَنْ كسا ... على الدين والدنيا جمالاً ورونقا

ومَنْ كانَ للدِّينِ الحَنيِفي عِصْمَةً ... يرد العدى عنه وللعين مؤنقا (٣)

ومَن كَانَ حَلْياً للزَّمانِ وأَهْلِهِ ... وعقد نظام العلم والحلم والتقى

لَقَدْ كانَ رُكْناً للشَّريعَةِ مانِعاً ... يصان به الإسلام طوعاً ومتقى/ [٤٥]

وعَيْنَاً لأهْلِ الرُّشْدِ في المَحْلِ هاطِلَاً ... وصوباً (٤) على أهل الضلاله مصعقا

ونوراً لدينِ اللهِ يَهْدِي ذَوي العَمَى ... وبدر تمام في سما الشرع مشرقا

وعضباً (٥) يَصونُ الدينَ مِن كلُ مُلْحِدٍ ... وباغ صقيلاً (٦) ماضي الحد مطلقا

إذا ما انْتَضاهُ الشَرْعُ مِن أَجْلِ حادِثٍ ... فرى هامة الخطب الجسيم وفلَّقا (٧)

لَقَدْ هَفَتِ الأكْبادُ مِنَّا كآبةً ... وطارت أسىً من حزنها وتحرقا

وأَوْدَي بِها عُظْمُ المُصاب ولَوْ فُدِي ... لكانت له الأرواح من كلِّنا وقا

فأَصْبَحَتِ الأقطارُ واَلكَوْنُ كُلُّهُ ... لفقدك (محيي الدين) بيداء سملقا (٨)

وأَقْفَرَ رَبعُ الزُّهْدِ والجُودِ والنُّهَى ... وربع الحِجَى (٩) والنسك والدين والتقى

أسِفْتُ ولو رَدَّ القَضاءَ تَأَسُّفٌ ... لما كان مما بي إليك تطرقا


(١) بفتح وكسر اللام: اسم دمشق.
(٢) (سَمُّ الخياط): ثقب الإبرة.
(٣) (آنق الشيء): أعجبه، فهو مُؤنق وأنيق.
(٤) (الصَّوْب): المطر الغزير، فيه رعودٌ وبروقٌ.
(٥) هو من أسماء السيف.
(٦) هنا صفة للإمام النووي (صقل الكلام): هذَّبه ونمقه.
(٧) (فلق الشيء): شقه. و (فلق الخَطْب): إذا شتته وبرَّده.
(٨) (السّملق): القفر الذي لا نبت فيه.
(٩) (الحِجَى): العقل.

<<  <   >  >>