وقالت الفرقة الرابعة من أصحاب أبي عبدالله جعفر بن محمد: إن الإمام بعد جعفر ابنه محمد، وأمه أم ولد يقال لها: حميدة، وهو موسى وإسحق بنو جعفر بن محمد لأم واحدة. وتأولوا في إمامته خبرا، وزعموا أن بعضهم روى لهم أن محمد بن جعفر دخل ذات يوم على أبيه وهو صبي صغير، فدعاه أبوه فعدا إليه فكبا في قميصه، ووقع لحر وجهه، فقام إليه جعفر وقبله، ومسح التراب عن وجهه، ووضعه على صدره، وقال: سمعت أبي يقول: إذا ولد لك ولد يشبهني، فسمه باسمي، فهو شبيهي وشبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وعلى سنته، فجعل هؤلاء الإمامة في محمد بن جعفر، وفي ولده من بعده. وهذه الفرقة تسمى السميطية، وتنسب إلى رئيسهم يقال له " يحيى بن أبي السميط "، وقال بعضهم هم الشميطية لأن رئيسهم كان يقال له "يحيى بن أبي شميط ".
والفرقة الخامسة منهم قالت: الإمامة بعد جعفر في ابنه عبدالله بن جعفر الأفطح، وذلك أنه كان عند مضى جعفر أكبر ولده سنا، وجلس مجلس أبيه بعده، وادعى الإمامة بوصية أبيه، واعتلوا أي الأفطحية بحديث يروونه عن أبيه وعن جده أنهما قالا: الإمامة في الأكبر من ولد الإمام: فمال إلى عبدالله والقول بإمامته جل من قال بإمامة أبيه، غير نفر يسير عرفوا الحق وامتحنوا عبدالله بالمسائل في الحلال والحرام والصلاة والزكاة والحج وغير ذلك فلم يجدوا عنده علما، وهذه الفرقة القائلة بإمامة عبدالله بن جعفر هي " الفطحية" وسموا بذلك لأن عبدالله كان أفطح الرأس، وقال بعضهم كان أفطح الرجلين، وقال بعض الرواة أنهم نسبوا إلى رئيس لهم من أهل الكوفة يقال له عبدالله بن فطيح. ومال إلى هذه الفرقة عامة مشايخ الشيعة وفقهائها، ولم يشكوا في أن الإمامة في عبدالله بن جعفر وفي ولده من بعده.
فلما مات عبدالله ولم يخلف ذكراً، ارتاب القوم واضطربوا وأنكروا الروايات الكثيرة عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد من أن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسنين، ولا تكون إلا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى انقضاء الدنيا، فرجع عامة الفطحية عن القول بإمامته سوى قليل منهم، إلى القول بإمامة موسى بن جعفر. وقد كانت جماعته من شيعة عبدالله قد رجعوا في حياته عن إمامته لروايات وقفوا عليها رووها عن جعفر أنه قال " إن الإمامة بعدي في ابني موسى، وأنه دل عليه، وأشار إليه، وأعلمهم في عبدالله أمورا لا يجوز أن تكون في الإمام ولا يصلح من كانت فيه للإمامة، وروى بعضهم أن جعفر قال لموسى: يابني إن أخاك سيجلس مجلسي ويدعي الإمامة بعدي فلا تنازعه ولا تتكلمن فإنه أول أهلي الذين لحقوا بي.
فلما توفي عبدالله رجعت شيعته عن القول به، وثبتت طائفة على القول بإمامته ثم بإمامة موسى بن جعفر من بعده. وعاش عبدالله بعد أبيه سبعين يوما أو نحوها.
وقالت الفرقة السادسة منهم: إن الإمام هو موسى بن جعفر بعد أبيه، وانكروا إمامة عبدالله، وخطأوه في فعله وجلوسه مجلس أبيه وادعائه الإمامة. هذا هو التفرق الذي حدث بعد موت الإمام جعفر الصادق.
وأضيف هنا ما جاء في الكتاب عن تفرق الشيعة بعد الإمام الحادي عشر، وهو الحسن العسكري:
قال المؤلفان في بيان هذا التفرق:
وتوفي ولم ير له خلف ولم يعرف له ولد ظاهر، فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر وأمه، وهي أم ولد يقال لها عسفان، ثم سماها أبوه حديثا، فافترق أصحابه من بعده فرقا: