ونحو ذلك من أخبار القائم، وزعموا أن الله تبارك وتعالى جعل لمحمد بن إسماعيل جنة آدم، ومعناها عندهم الإباحة للمحارم وجميع ما خلق في الدنيا، وهو قول الله عز وجل: وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا [البقرة: ٣٥] يعني محمد بن إسماعيل وأباه إسماعيل، وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة: ٣٥] أي موسى بن جعفر بن محمد، وولده من بعده، ومن ادعى منهم الإمامة، وزعموا أن محمد بن إسماعيل هو خاتم النبيين الذي حكاه الله عز وجل في كتابه، وأن الدنيا اثنتا عشرة جزيرة في كل جزيرة حجة، وأن الحجج اثنا عشر، ولكل حجة داعية، ولكل داعية يد، يعنون بذلك أن اليد رجل له دلائل وبراهين يقيمها كدلائل الرسل، ويسمون الحجة الأب، والداعية الأم، واليد الابن يضاهئون قول النصارى في ثالث ثلاثة، أن الله الأب, والمسيح الابن، وأمه مريم، فالحجة الأكبر هو الرب، وهو الأب، والداعية هي الأم، واليد هو الابن - كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيداً، وخسروا خسرانا مبينا. وزعموا أن جميع الأشياء التي فرضها الله تعالى على عباده، وسنها نبيه صلى الله عليه وسلم وآله، وأمر بها ظاهر وباطن، وأن جميع ما استعبد الله به العباد في الظاهر من الكتاب والسنة، أمثال مضروبة، وتحتها معان هي بطونها، وعليها العمل، وفيها النجاة، وأن ما ظهر منها هي التي نهى عنها، وفي استعمالها الهلاك والشقاء وهي جزء من العقاب الأدنى، عذب الله بهم قوما، وأخذهم به ليشقوا بذلك، إذ لم يعرفوا الحق، ولم يقوموا به ولم يؤمنوا.
وهذا أيضاً مذهب عامة أصحاب أبي الخطاب - ومع ذلك استحلوا استعراض الناس بالسيف وسفك دمائهم، وأخذ أموالهم، والشهادة عليهم بالكفر والشرك على مذهب البيهسية والأزارقة من الخوارج، في قتل أهل القبلة وأخذ أموالهم والشهادة عليهم بالكفر، واعتلوا في ذلك بقول الله تعالى عز وجل: فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ [التوبة: ٥] قالوا: إن قتلهم يجب أن يكون بمنزلة نحر الهدي وتعظيم شعائر الله، وتأولوا في ذلك قول الله: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: ٣٢]. ورأوا سبي النساء وقتل الأطفال، واعتلوا في ذلك بقول الله تبارك وتعالى: لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا [نوح: ٢٦] وزعموا أنه يجب عليهم أن يبدأوا بقتل من قال بالإمامة ممن ليس على قولهم، وخاصة من قال بإمامة " موسى بن جعفر " وولده من بعده، وتأولوا في ذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة: ١٢٣]، فالواجب أن يبدأوا بهؤلاء ثم بسائر الناس، وعددهم كثير إلا أنه لا شوكة لهم ولا قوة، وكانوا كلهم بسواد الكوفة واليمن أكثر، ونواحي البحر واليمامة وما والاها، ودخل فيهم كثير من العرب فقووا بهم وأظهروا أمرهم، ولعلهم أن يكونوا زهاء مائة ألف.