للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالت فرقة منهم: إن روح جعفر بن محمد تحولت عن جعفر في أبي الخطاب، ثم تحولت بعد غيبة أبي الخطاب في محمد بن إسماعيل بن جعفر، ثم ساقوا الإمامة على هذه الصفة في ولد محمد بن إسماعيل. وتشعبت منهم فرقة من المباركية ممن قال بهذه المقالة، تسمى القرامطة، وإنما سميت بهذا برئيس لهم من أهل السواد من الأنباط كان يلقب بقرمطويه، وكانوا في الأصل على مقالة المباركية ثم خالفوهم وقالوا: لا يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم وآله إلا سبعة أئمة: علي بن أبي طالب وهو إمام رسول، والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، ومحمد بن إسماعيل بن جعفر وهو الإمام القائم المهدي، وهو رسول. وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم وآله انقطعت عنه الرسالة في حياته في اليوم الذي أمر فيه بنصب علي بن أبي طالب رضي الله عنه للناس بغدير خم، فصارت الرسالة في ذلك اليوم إلى أمير المؤمنين وفيه، واعتلوا في ذلك بخبر تأولوه، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) (١)، وأن هذا القول منه خروج من الرسالة والنبوة، وتسليم منه ذلك لعلي بن أبي طالب بأمر الله عز وجل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم وآله بعد ذلك صار مأموما لعلي بن أبي طالب، محجوجا به، فلما مضى علي رضي الله عنه صارت الإمامة في الحسن، ثم صارت من الحسن في الحسين، ثم صارت في علي بن الحسين، ثم في محمد بن علي، ثم كانت في جعفر بن محمد، ثم انقطعت عن جعفر في حياته فصارت في إسماعيل بن جعفر كما انقطعت الرسالة عن محمد صلى الله عليه وآله في حياته. ثم إن الله عز وجل بدا له في إمامة جعفر وإسماعيل فصيرها في محمد بن إسماعيل، واعتلوا في ذلك بخبر رووه عن جعفر بن محمد أنه قال: ما رأيت مثل بداء لله في إسماعيل، وزعموا أن محمد بن إسماعيل حي لم يمت وأنه غائب مستتر في بلاد الروم، وأنه القائم المهدي، ومعنى القائم عندهم أنه عندهم أنه يبعث بالرسالة، وبشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمد صلى الله عليه وآله، وأن محمد بن إسماعيل من أولي العزم، وأولو العزم عندهم سبعة: " نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وآله وعليهم، وعلي رضي الله عنه، ومحمد بن إسماعيل " على معنى أن السموات سبع، وأن الأرضين سبع، وأن الإنسان بدنه سبع: يداه ورجلاه، وظهره، وبطنه، وقلبه، وأن رأسه سبع: عيناه وأذناه، ومنخراه، وفمه وفيه لسانه وفمه بمنزلة صدره الذي فيه قلبه، والأئمة سبع كذلك وقلبهم محمد بن إسماعيل، واعتلوا في نسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم وآله وتبديلها، بأخبار رووها عن أبي عبدالله جعفر بن محمد أنه قال: لو قام قائمنا علمتم القرآن جديداً " وأنه قال: ((إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)) (٢)


(١) رواه النسائي في (الكبرى) (٨٣٩٩) وابن ماجه (١٢١) من حديث سعد بن أبي وقاص قال ابن كثير في ((البداية والنهاية)) (٧/ ٣٥٣): إسناده حسن وصححه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)) (٩٨).
(٢) رواه مسلم (١٤٥) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>