إنّ المطّلع على فكر جماعة أهل القرآن المعاصرين يجد أنهم يُردّدون شُبَهاً عفى عليها الزمن، وهكذا هم أهلُ البدع، وأصحابُ الأهواء، وأربابُ الضلالات، يُكرّرون أشياءَ هتفَ بها أسلافُهُم منذُ مئاتِ السنين!
وهذا ديدن أهل الباطل دائماً يُعيدون ما فُرِغَ منه لعلّهم يصطادون ضحايا جديدة من الغافلين.
وصدق الله العظيم الذي حكى منهج الضالّين المضلّين في كتابه العزيز فقال:{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}[سورة فصلت ٤١: الآية ٤٣].
ومنكرو السنّة الغرّاء ـ أراح اللهُ الأمةَ من بلائهم ـ ليسوا مختلفين عن الغواةِ الآخرين، وهم لو قصدوا الحقَّ، ولو استَحيَوا من ربِّهم تباركَ وتعالى، ثم من خلقه؛ لَبَحثوا عن الأجوبة التي أُجيبَ بها مَنِ اقتَدَوا بهم ممّن تقدّمهمُ من المبتدعة السابقين.
وها هي كتبُ أهل العلم المختلفة ملأى بالردود على تلك التشغيبات التي شغّبَ بها الأولون، ولكنهم يلوكون الأقوال العفِنَةَ، ويَجترّون الآراءَ المُنتِنَة، ويُغمضون أعيُنَهم عن الأدوية الناجعة التي فيها علاجُ أسقام قلوبِهم، ويتجاهلون البلاسم الشافية التي بها يُداوى بها زيغُ عقولِهم.
والدليل على ما أقول: أن أطروحاتِهم تُغفِلُ عموماً الردودَ على شُبَهِهم، وتطوي ذكرَ مواضِعِ بيان ما يستشكلون.
أوليس من العجيب أنهم يقولون ويُعيدون، ويروحون ويجيئون، في طرح أسئلةٍ وقضايا الجوابُ عنها أجلى من الجليّ؟
إن هؤلاء الناس يرومون الجدل للجدل، شأنُهم شأنُ من ذكروا في القرآن العزيز فقال:{مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}[سورة الزخرف ٤٣: الآية ٥٨].