للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: المشككون بالسنّة الشريفة في العالم العربي:

إنّ مما ابتُليَ به المسلمون في كلّ عصر، وخصوصاً في هذا العصر أنّ عدداً من الشخصيات المتفرّقة التي ينتسبُ بعضُها إلى العلم الشرعيّ ممن درسوه وتخصّصوا في بعض مجالاته، وينتسب بعضُها إلى علومٍ أُخرى تطفّلوا على العلوم الشرعية بالكلامِ فيها، فصرّحوا، وحرّضوا، وأفتَوا، بما حلا لهم، وبما راقَ لهم من أهواءِ، وعليهم يصدُقُ قول الشاعر:

يقولونَ: هذا عِندَنا غيرُ جائزٍ ومن أنتُمُ حتى يكونَ لكمْ عِندُ؟

وقد مُحِنَتِ الأمةُ المسلمة في عصرِها الحديث في بلادِ العرب ـ وفي أمّها مصر ـ بنكراتٍ تعرّفوا بالشذوذ، واشتُهِروا بتبنِّيهم من الآراء كلَّ منبوذ.

وقد نبغَ منهم في القرنَين الماضيَين أشخاصٌ هيَّئوا التربةَ المتقبّلةَ لظهور القرآنيين المعاصرين، ذلك بما أشاعوه من انتقاص كتب الحديث والفقه والتفسير المتقدمة، ورفعهم لواءَ الإصلاح والتجديد، والتنوير ومحاربة البدع ... وما إلى ذلك من شعارات برّاقة، زُبِرَت على راياتٍ خفّاقة، وكانت كلماتِ حقٍّ أُريد بها في كثيرٍ من الأحيان الباطلُ الصُّراح، والضلالُ البَواح.

ومن أبرز هذه الشخصيات التي تطاولت بطريقةٍ أو بأخرى على أخبار السنة المطهَّرة الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية (١).


(١) ولد سنة (١٢٦٦ هـ/ ١٨٤٩ م) في شنرا من قرى الغربية بمصر، تعلم بالجامع الأحمدي بطنطا، ثم بالأزهر. وتصوف وتفلسف وعمل في التعليم، وكتب في الصحف ولا سيما جريدة (الوقائع المصرية) وقد تولى تحريرها، وأجاد اللغة الفرنسية بعد الأربعين. ولما احتل الانكليز مصر ناوأهم وشارك في مناصرة الثورة العرابية، فسجن ٣ أشهر للتحقيق، ونفي إلى بلاد الشام، سنة (١٨٨١ م)، وسافر إلى باريس فأصدر مع صديقه وأستاذه جمال الدين الأفغاني جريدة «العروة الوثقى» وعاد إلى بيروت فاشتغل بالتدريس والتأليف.
عاد إلى مصر سنة (١٨٨٨) وتولى منصب القضاء، ثم جعل مستشاراً في محكمة الاستئناف، فمفتياً للديار المصرية سنة (١٨٩٩ م) واستمر إلى أن توفي بالإسكندرية، ودفن في القاهرة سنة (١٣٢٣ هـ / ١٩٠٥ م).
له «تفسير القرآن الكريم» (ط) لم يتمه، و «رسالة التوحيد» (ط)، و «الرد على هانوتو» (ط)، و «رسالة الواردات» (ط) صغيرة، في الفلسفة والتصوف، و «حاشية على شرح الدواني للعقائد العضدية» (ط)، و «شرح نهج البلاغة» (ط)، و «شرح مقامات البديع الهمذاني» (ط)، و «الإسلام والرد على منتقديه» (ط) من مقالاته، و «الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية» (ط) كالسابق، و «الثورة العرابية» لم يتمه. وترجم رسالة «الرد على الدهريين» (ط).
«الأعلام» للأستاذ خير الدين الزركلي رحمه الله ٦/ ٢٥٢ - ٢٥٣ باختصار وتصرف يسير.
وله ترجمةٌ تتبّعت الكثير من أخطائه في كتاب «أعلام وأقزام في ميزان الإسلام» للدكتور سيد بن حسين العفاني ١/ ٨٤ - ٨٩.

<<  <   >  >>