المبحث الثاني: آياتٌ قرآنية وأسئلة موجهة إلى القرآنيين.
أحاول في هذا المبحث أن أحارِبَ القرآنيين بسلاحَيهم الوحيدين:(القرآن، وما يدندنون به من العقل)، ولن ألجأ إلى الاحتجاج بشيءٍ آخرَ، وخصوصاً السنةَ المشرفة؛ لئلا أحتجَّ بالدعوى وأدخُل في الدور (١)!
وإنّ هذه المواقف التي سأقف مع القرآنيين فيها أُسائلُهم عن آياتٍ من القرآن، وأتقدم إليهم بالجدال عبر أسئلةٍ منطقيةٍ تحتاج أجوبةً واضحةً منهم، لا لفّ فيها ولا دوران.
وإني سأقتصر على خمسةِ مطالب؛ لمناسبة هذا البحث الضئيل، وإلا فإنّ في جعبة العبدِ الضعيف وجُعَبِ غير من الغيارى على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أسئلةً كثيرة.
وإنّني أحمد الله عزّ وجلّ على أنّ عدداً من هذه الأسئلة التي أطرحُها في هذه الورقات لم أطّلع عليها عند غيري، وقد أكون مسبوقاً إليها دون أدري و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آَتَاهَا}[سورة الطلاق ٦٥: الآية ٧].
فإن أصبتُ فمن الله وحدَه، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصالحُ المؤمنين منه بَراءٌ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم، وحسبي الله ونعم الوكيل.
المطلب الأول: كيف جاءَنا القرآن؟
يزعم القرآنيون أن القرآن جاء بالتواتر، وهي كلمة حقٍّ أريد بها باطل، فالتواتر الذي يعنونه هو حفظ القرآن جيلاً بعدَ جيلٍ، وإيصال القرن السابقِ هذا القرآن للقرنِ اللاحق. يقول كبيرُهم أحمد صبحي منصور:
«التواتر هو المتوارث الذي تتمسك به الأغلبية من عبادات وثقافات، وفيه الصحيح والفاسد، لذا يكون مرجع الحكم فيه لله تعالى في القرآن الكريم ...
(١) الدور: هو توقُّفُ الشيءِ على ما يتوقّفُ عليه. «التعريفات» للشريف الجرجاني ص ١١٠.