المطلب الرابع: أحاديثُ ومرويات:
من العجائب أن مُنكري السنة يستشهدون من السنة نفسِها على إنكارهم لها، وذلك بذكر رواياتٍ يُحاولون الاستفادة منها من أجل دعاواهم!
وإننا نقول لهم: إما أن تؤمنوا بالسنة كلِّها، أو تدعوها كلَّها.
فإذا كنتم ترونها أكذوبةً فما الذي يضمن لكم أن ما توردونه علينا ليس مكذوباً كذلك؟
وما الميزان لإثبات الصحيح من المكذوب؟
وأذكّركم أنكم كذّبتُم بالسنةِ كلِّها؛ لأنكم ترون أنه ما من سبيل إلى تمييز الصحيح من المفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهل ترون من العقل الاحتجاج بما ترونه كذباً؟
وإما إن قال قائلُكم: نحن نحتجُّ عليكم معاشر مُثبِتي السنة بهذه الروايات؛ لأنها في كُتُبِكم التي تعتبرونها، وتؤمنون بما فيها!
فإننا نُجيبُ: نحنُ نؤمن بما فيها كلِّها ـ على تفاوُتِ درجاتِ المرويّات من الصحة ـ فلا يُقبَلُ أن تحتجّوا علينا بحديثٍ ما ولدينا ما يحُلُّ عقدةً فيه في حديثٍ آخَرَ، ثم تقولوا لنا: إن الثانيَ مكذوبٌ لا نؤمن به.
وما مثلُكم كذلك إلا كما قال الشاعر:
ألقاهُ في اليمّ مكتوفاً وقال له: إياكَ إياك أن تبتلّ بالماءِ
فإما أن نتجادَل ضمن دائرة كلِّ ما نُصحِّحُه بوصفه مادةَ بحثٍ علميّ، وجدالٍ منطقيّ، وبغضّ النظر عن الإيمان بهذه المادة أو عدمِه.
وإما أن نُلقيَ كلّ ذلك جانباً ولا نتكلّم إلا بالقرآن والعقليّات فحسبُ!
ورغم ذلك فهذه إجاباتٌ سريعةٌ على بعضِ ما هو حُجَجُ مُنكري سنةِ النبي صلى الله عليه وسلم والمشككين فيه.