وأية خُصوصية ستكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُجرَّد ناقلٍ لحُكمٍ في القرآن؛ حتى يُؤكّدَ أمرُ الالتزام بقوله، والانقياد لِحُكمه بكلّ هذه المؤكدات في الآية الكريمة.
فدلالتُهُ واضحةٌ في أنّه صلى الله عليه وسلم حرّمَ ما حرّمَهُ ليُرضيَ بعضَ نسائه، وأنّ لم يُحرّمه تشريعاً.
ومَعاذَ الله أن يكونَ فيما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المشركين ما تذكرون من قوله تعالى:{وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ}[سورة الأنعام ٦: الآية ١٤٠].
وقوله:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}[سورة النحل ١٦: الآية ١١٦] ثم يسلُكَ سبيلهم، ولعلكم لا تنسَون أنّ سورتَي الأنعام والنحل مكّيتان، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده أزواج، بل زوجةٌ واحدة فحسب، وصارتِ الأزواج لديه في المدينة إذ نزلت سورة التحريم.
وإنّه صلى الله عليه وسلم حين حرّمَ على نفسِه لم يُحرّم ذلك تشريعاً لنفسِه.
بل إنه أقسمَ أن لا يأكل عسل المغافير، أو أن لا يدخل على إحدى زوجاته؛ فعوتِبَ على قسَمِهِ الذي فيه بَونٌ من القِسطِ المطلوب منه، فعل ذلك اجتهاداً بهدَفِ إرضاء بعضِ حلائله؛ فلا شاهِدَ لكم بهذه الآيات.
والذي ينسِفُ ما يراه أولئك من سلب رسول الله صلى الله عليه وسلم سلطة التحريم والتحليل أنّ الله تعالى قد نسبَ في صريح القرآن التحليلَ التحريمَ إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.