وقد احتج أصحابنا على تعيين لَفْظَي التكبير والتسليم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تحريمها التكبير وتحليلها التسليم"(١)، ومنعه الحنفية؛ لمنعهم المفاهيم، وزيَّفه إمام الحرمين بأن التعيين مستفاد من الحصر المدلول عليه بالمبتدأ والخبر، فإن التحريم منحصر في التكبير كانحصار زيد في صداقتك إذا قلتَ:(صديقي زيد)، ولكنه لا يخرج عن كونه مفهومًا.
نعم، قرر الشيخ بهاء الدين ابن النحاس وَجْه الحصر فيه بأن المبتدأ لا يكون أَعم من الخبر، لا تقول:(الحيوان إنسان). فإذا قلتَ:(زيد صديقي)، كان الخبر صالحًا لأنْ يكون أعم من المبتدأ، فتجعله كذلك؛ ولذلك قالوا: لا يلزم انحصار الصداقة في زيد، بخلاف قولك:(صديقي زيد)، فلا يكون الخبر الذي هو "زيد" أَعَم مِن المبتدأ، فما بَقي إلا أن يجعل مساويًا، وإلا كان الخبر أخص من المبتدأ وهو غير جائز. وإذا كان مساويًا، لزم الانحصار؛ ضرورةَ صِدْق أن كل صديق هو زيد.
(١) سنن أبي داود (٦١)، سنن الترمذي (٣) وغيرهما. وصححه الألباني في (إرواء الغليل، رقم: ٣٠١).