للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تنبيهان

الأول: إفادة التقديم الاختصاص الذي قال به البيانيون خالفهم فيه ابن الحاجب وأبو حيان، فقال ابن الحاجب في "شرح المفصل": (إنَّ تَوَهُّم الناس لذلك وَهْم، وتمسكهم بالتقديم في نحو: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ} [الزمر: ٦٦] ضعيفٌ؛ لورود {فَاعْبُدِ اللَّهَ} [الزمر: ٢]) (١). فيلزم أن المؤخَّر يفيد عدم الحصر، لكونه نقيضه.

وأُجيب بأن التأخير لا يستلزم حصرًا ولا عدمه، ولا يَلزم من عدم إفادة الحصر إفادة نفيه، لاسيما و"مُخْلِصًا" في قوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا} [الزمر: ٢] مُغْن عن إفادة الحصر.

وقال أبو حيان أول "تفسيره" في رد دعوى الاختصاص: إن سيبويه قال: إن التقديم للاهتمام والعناية، فهو في التقديم والتأخير كما في "ضرب زيدٌ عَمرًا" و"ضرب عمرًا زيدٌ" (٢)، فكما أنَ هذا لا يدل على الاختصاص فكذلك مثالنا.

وأُجيب بأنَّ تشبيه سيبويه إنما هو في أصل الإسناد، وأن التقديم يُشْعر بالاهتمام والاعتناء، ولا يَلزم من ذلك نفي الاختصاص.

ومما يستدل به بعض المتأخرين على المنع أيضًا ورود: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: ٤١]، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] ونظائره.

ويجاب عنه بما سبق، بل يُقال: إنَّ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} لا يمنع أن يقرأ بغير الاسم،


(١) انظر: الإيضاح شرح المفصل (١/ ٤٧)، الناشر: وزارة الأوقاف والشئون الدينية - العراق.
(٢) تفسير البحر المحيط (١/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>