للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا} لا يمنع أنها لا تجري إلا بِاسْمه.

وقال صاحب "الفلك الدائر": (الحقُّ أنه لا يدل على الاختصاص إلا بالقرائن، وإلا فقد كثر في القرآن التصريح به مع عدم الاختصاص، نحو: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: ١١٨] ولم يكن ذلك خاصًّا به؛ فإنَّ حواء كذلك) (١).

وأما كون الاختصاص الحصر فهو رأْي الجمهور، وخالف الشيخ تقي الدين السبكي في ذلك، فقال: ليس معنى الاختصاص الحصر، خِلافًا لِمَا يفهمه كثير من الناس؛ لأن الفضلاء- كالزمخشري- لم يُعبروا في نحو ذلك إلا بالاختصاص، والفرق بينه وبين الحصر أن "الاختصاص" افتعال من الخصوص، و"الخاصُّ" مُركَّب من عموم ومعنى يفصله، فالضربُ مثلًا عام، فإذا قلتَ: "ضربتُ" خصصته بإسناده لك، فإذا قلتَ: "زيدًا" خصصتَ ضربَك بوقوعه على زيد، فالمتكلم إما أن يكون مقصوده الثلاثة أو بعضها، فتقديمه أحدها يُشعر باختصاصه لها مِن مُطْلق الضرب؛ لدلالة الابتداء بالشيء على الاهتمام، ويبقى ذِكر الباقي بالتبعية لِمَا قَصَده، وليس فيه حينئذٍ ما في الحصر مِن نَفْي غيره، وإنما جاء الحصر في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ونحوه لِلعِلم به مِن خارج، لا من نفس اللفظ، بدليل أن بقية الآيات لا يطرد فيها ذلك. ألا تَرى أن قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران: ٨٣] ليس المراد إنكار كَوْنهم لا يبغون إلا غير دين الله، بل كونهم يبغون غير دين الله مُطلقًا) (٢). انتهى ملخَّصًا.

وقد يحتج للتغاير بقوله تعالى: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ١٠٥]، فإن رحمة الله لا تنحصر.


(١) الفلك الدائر (٤/ ٢٥٨) مطبوع مع المثل السائر.
(٢) رفع الحاجب (٤/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>